recent
أخبار ساخنة

بحث حول النظام الاقطاعي في أوروبا في العصور الوسطى بالمراجع

 بحث حول النظام الاقطاعي في أوروبا في العصور الوسطى بالمراجع

مقدمة

المبحث الأول: القرون الوسطى في أوروبا والوقائع الاقتصادية

المطلب الأول:  القرون الوسطى :

1-الفترة الزمانية للقرون الوسطى:

2-طبيعة وأهمية العصور الوسطى:

المطلب الثاني: النظام الاقطاعي

1-مفهومه ونشأته

2-جوهر النظام الاقطاعي:

3-مصادر الفكر الاقطاعي:

المبحث الثاني: الافكار الاقتصادية لدى رواد الفكر الإقطاعي

المطلب الأول: الاقتصاد في النظام الاقطاعي

1-مفهوم الاقتصاد

2-مفهوم الثروة والتملك

المطلب الثاني: المفكريين في العصور الوسطى في النظام الاقطاعي

خاتمة

قائمة المراجع

 مقدمة:

لقد قسم الكثير من المؤرخين وخصوصا "الهولنديين التاريخ إلى عصر قديم ينتهي بحكم قسطنطين الكبير عام337م وعصر وسيط ينتهي بسقوط القسطنطينية عام1453م ثم العصر الحديث، أما فترة العصور الوسطى، وهي الفترة التي ساد فيها النظام الإقطاعي في أوروبا بوجه عام، ويرى الكثير من المؤرخين إن المناقشات في الواقع لازلت محتدمة سوءا "كانت على مستوى البلدان الرأسمالية أو الاشتراكية لتحديد هذه الحقبة، ولا نجد ثمة من يقول وبشكل مطلق إن هناك تاريخ محدد لهذه الحقبة، ولربما إن هناك دولا لازلت تعيش في فترة النظام العبودي لا بل حتى في العصر المشاعي.

 إن الموقف من تحديد هذه الفترة وكما يرى جان بودان بأنه التطور السيكلولوجي في العصور الوسطى أو كما يرى توني بأنها جوهر الجو الاخلاقي والديني الذي يتمثل بولادة الاقتصاد الطبيعي أو الاقتصاد المغلق، الأمر الذي يجعل إن كل ما ينتج يذهب بشكل مباشر إلى الاستهلاك ،أي إن المجتمع يسوده القطاع الزراعي وبشكل رئيسي لقد قضي على ما تبقى من النظام النقدي والسمة الحضارية في ظل الإمبراطورية الرومانية، حتى إن المبادلات التجارية قد انخفضت بشكل كبير بين عموم المقاطعات الرومانية بسبب عدم الطمأنينة، وما يقال على روما القديمة يقال على عموم الدول الأوربية، ولم يعد هناك مكانا يذكر للمبادلات التجارية مع دول المشرق، أمثال التوابل وغيرها من المحاصل الزراعية الأخرى، ولم نعد نرى أية أثر يذكر لها في سجلات الدول الأوربية منذ سنة(716)‘ أي يمكن القول وبشكل مطلق أن التجارة تكاد تكون معدومة بين الشرق الإسلامي وغير الإسلامي من جهة والعالم الغربي من جهة أخرى.

 المبحث الأول: القرون الوسطى في أوروبا والوقائع الاقتصادية

المطلب الأول:  القرون الوسطى 

‌أ.       الفترة الزمانية للقرون الوسطى: لم يكن هناك ثمة اتفاق على تحديد الفترة الزمنية التي يمكن اعتبارها بداية العصر الاقطاعي ، ولكن الاجماع قد يقترب الى تحديد الألف عام تقريباً التي يتمدد بها العصور الوسطى ، وهي مرحلة النظام الاقطاعي ، الا ان خلفياتهُ تمتد الى المراحل الاخيرة للمجتمع الروماني ، وكان قلة المحاربين وقلة الايدي العاملة استخدم الرومانيين البرابرة في مثل هذه الاعمال ، ومن ثمة توزيع الاراضي الزراعية على هؤلاء الفلاحين بالاضافة الى ان الزراعة لم تكن مجربة بالقدر الذي يجعل مالك الارض ملتزم بها ، لذلك فأن تنازل المالكون الى الفلاحين والارقاء عن هذه الاراضي خلق ما يعرف بأرقاء الارض ، والذي كان يمثل الحلقة الاولى للنظام الاقطاعي.
لكن العادة جرت لدى المؤرخين الاكاديمين على قبول التقسيم الكلاسيكي ، الى العصور القديمة ، والوسطى والحديثة حيث ان العصر القديم ينتهي بحكم قسطنطين الكبير عام 337م وعصر وسيط ينتهي بسقوط القسطنطينية عام 1453م
بعض الاراء في تحديد العصور الوسطى:

1- يرى بعض المؤرخون ان العصور الوسطى بدأت منذ عام (325)م اي اجتماع مجمع نيقيا الكنائسي وهو اول مجمع عقائدي مسيحي ، وقد تمثل هذه السنة سنة التحول الى النظام الاقطاعي

2- ويرى اخرون ان وصول الامبراطور الروماني قسطنطين الى العرش عام (338)م وهي سنة التحولات المهمة في العهد الاقطاعي ، وقد تبنى الديانة المسيحية ديناً ودولة وديناً رسمياً لروما ، وتمثل سنة سيطرة الديانة المسيحية بداية التحول الى الاقطاع.

3-  تعد سنة (375) وهي سنة الهجوم على روما من قبل قبائل الهون للغرب ، وبعضهم يؤرخ عام (476)م عند سقوط روما بيد القبائل الجرمانية

4-  ان نهاية عهد الاقطاع هي الاخرى محل جدل المؤرخون ، فبعضهم يرى العام 1300م واخرون يرون 1500م ويربطونها بالاستكشافات العلمية ، الجغرافية ، واستخدام البوصلة والبارود.

‌ب.  طبيعة وأهمية العصور الوسطى: هناك ثمة أهمية اختلاف بين المفكرين على طبيعة العصور الوسطى ،فيرى الليبراليون إن هناك جوانب سلبية لتلك الفترة التاريخية (حيث، الجمود، العزلة، والاضطهاد) أما المؤرخون الرمانتيكون وخصوصا الألمان يرون أنها أنموذج للاستقرار والثبات والعصر الذهبي ،وهي فترة وسيطة بين العصور التي سبقتها والعصور لحقت بها كالرأسمالية التجارية، أما الأساس المادي للفكر الاقتصادي يتمثل بالنظام الإقطاعي القائم من حيث الجوهر على الانقسام الكبير بين ملاك الأراضي والفلاحين من جهة ومن جهة أخرى القطاع الصناعي والتجاري الذي يستند إلى نظام الطوائف،وان كليهما قد ويلدا من رحم النظام الإنتاجي السابق في أواخر العهد الروماني، أي امتدا د لنظام الزراعي الروماني الكولوني

أن هذا النظام الإنتاجي الجديد والذي انطلق من أوربا الغربية على أنقاض مجتمع الرق والنظام العشائري عند القبائل الجرمانية الغازية ،وقد استمر النظام الإقطاعي في الصين أكثر من ألف سنة وفي روسيا أستمر حتى عهد ألإصلاح الزراعي عام 1861وفي بلاد القوقاز من القرن الرابع حتى نهاية القرن التاسع عشر1870وعند شعوب أسيا الوسطى من القرنين السابع والثامن حتى عام1917ولايزل الإقطاع سائدا في الكثير من البلدان حتى يومنا هذا.

المطلب الثاني: النظام الاقطاعي

1-    مفهومه ونشأته: ان مفهوم القرون الوسطى ونشأة النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الاقطاعي مفهومان متلازمان ، فقد ترتب على سقوط روما ، زوال سلطتها المركزية على هذه الامبراطورية المترامية الاطراف ، حاولت الجهاز الحكومي الجديد ان يخلق مركزية سلطوية جديدة ، ولكنها عجزت ، لذلك عمدت الامبراطورية الجرمانية تنصيب قادة وحكام اقاليم ، الذين ذهبوا الى تقوية مراكزهم بتاسيس سلطات مباشرة على اقاليمهم مما ادى الى ظهور بعض النتائج السياسية نذكر منها الاتي

-  اصبحت القابهم وسلطتهم وراثية

-  ان الضرائب التي يجمعونها تذهب الى تقوية سلطتهم واقليمهم وليس للسلطة المركزية

-  تقديم بعض الاعانات للسلطة المركزية

-  احتفاظهم بوحداتهم العسكرية لتقوية سلطتهم في اقاليمهم ، مما ادى الى فقدان سيطرة السلطة المركزية على وحدات الجيش ، وان مساعدة السلطة المركزية يكون بطلبها عند الدخول في الحروب.

-  نشوء المحاكم المستقلة في الأقاليم

- السيطرة على اراضي الفلاحين الاحرار بالارهاب والتعسف ، وانشاء نظام رقيق الارض ((Serfdom)) وهو النظام الذي طبقه القياصرة في الامبراطورية الرومانية اذ ان هناك علاقة بين السيد والفلاحين تجعل من الفلاحين يشعرون بمصلحتهم في زيادة الانتاج ، فالارض من الناحية النظرية تابعة للامبراطور ، ولكن في الحقيقة هي تابعة للاسياد الاقطاعيين ، وتنقسم الارض الى قسمين قسم للفلاحين وقسم للاسياد ويلزم على الفلاحين زراعتها لاسيادهم بدون اجر وتقديم بعض الخدمات الأخرى

2-   جوهر النظام الاقطاعي

ينقسم المجتمع الاقطاعي الى ((مالكين ، وأقنان)) وكان هناك في البداية فلاحون مستقلون ، غير انهم بسبب عدم الطمأنينة ، وكثرة الغزوات وبالاخص غزوات النورمانديين ، تنازلوا عن أرضهم مقابل حماية الاقطاع لهم ضمن اطار الاسوار التي بنوها دفاعاً عن اقطاعياتهم وتتكون طبقة المالكين من الاقطاع الكنيسي كما الاتي:

تتكون الاقطاعية من دور الفلاحين ، الاراضي القابلة للزراعة ، الغابات والمراعي ، والاراضي القابلة للزراعة عبارة عن ملكية اقطاعية تخصص بمحاذاتها اراضي الاقنان وهي قطع صغيرة اما المراعي فهي اراضي واسعة وجماعية ، وقد تستخدم الارض الزراعية مراعي بعد الحصاد ،وغالباً ما تزرع المراعي بمحاصيل متشابه للاعلاف.
التزامات الاقنان اتجاه الاقطاعي او المالك ، يلتزم الاقنان امام سيدهُ بالاتي

1-  العمل المجاني ((السخرة)) لزراعة ارض الاقطاع وقد يصل الى ثلاثة ايام في الاسبوع وخصوصاً في الايام الاولى لعهد الاقطاعي

2-  العمل الاضافي في مواسم الحصاد وجني المحاصيل مرتين في السنة.

3-  الآلات والادوات والحيوانات التي تستمر في اوقات الحصاد والجني يقع عبئها على الاقنان

4-  يقدم الاقنان كجزء من المحصول العيني الى المالك من ناتج زراعي وحيواني

5-  بعض الاتاوات والضرائب في المناسبات كالزيارات والزواج والميراث يدفعها الاقنان للمالكين
ونتنظم هذه الاتاوات بالعرف ويشرف عليها احد الاقنان او الاقنان المقربين من الاقطاعي او من الذين يشهد لهم بالحرص والكفاءة الخاصة وبعض من اعمال السخرة ومن بعض الالتزامات وهو بالضرورة ذو جاه عند الاقطاع وهيبة عند الاقنان .

3-مصادر الفكر الاقطاعي:

من المؤكد ان الحياة الفكرية في العهد الاقطاعي كانت تحت اشراف الكنيسة ، لذلك ليس من الغرابة اذا ارتد لباساً اسكولائياً ودينياً ، وان الاراء الاقتصادية ليست عبائة الدين ذاتها كما ورد في الافكار اللاهونية والفقهية ، لذلك فأن الفكر الاسكوائي الراسخ في ظل النظام الاقطاعي استمد افكاره من ثلاث مصادر رئيسية وهي الاتي

أ‌-    1) الفكر اليوناني وبالتحديد افكار ارسطو طالس والتي لعبت دوراً بارزاً في صياغة افكار السكولائين في تفسير الافكار الاقتصادية ((مفهوم الاقتصاد ، التبادل ، وظائف النقود نظرية الربا ، السعر العادل)) ، بالحقيقة ان الافكار السكولائية هي مزيج من الفكر الارسطو والفكر المسيحي ، وتطور بتعاليم المسيحية الكنائسية لتتلائم مع العهد الاقطاعي

ب‌-  الفكر المسيحي القديم : والمقصود هنا تعاليم سيدنا المسيح وحوارينهُ وتلاميذهُ الاوائل وهي تمثل الاساس النظري للافكار السكولائية وتتضمن ((الاخوة بين البشر ، المساوات بين الناس، تمجيد العمل ، تمجيد العائلة ، الالتزام بالصدقات والزكاة ، وغيرها)) امتزجت هذه التعاليم الدينية مع افكار الفلسفة الارسطوطاليسية وما تحوي من قيم واخلاق لتنشئ المصدر الثالث

ت‌-  دور الكنيسة : والتي اجمع المؤرخون على ان الكنيسة لعبت دوراً مهماً في صياغة الافكار الاقتصادية في العهد الوسيط وان رجال الكنيسة قاموا بهذه المهمة الصعبة تخلق حالة التكييف والموائمة بين الافكار لتصبح صالحة في العهد الاقطاعي والتي سجلت للكنيسة هذا النجاح في العملة التاريخية .

4- خصائص النظام الاقطاعي : ان النظام الانتاجي الجديد والذي قام في اوربا الغربية على اقاض النظام العبودي ، العشائري عند القبائل الجرمانية الغازية والتي ساعدت على تطوير نظام الممالك الجرمانية الذي اعقب سقوط الامبراطورية الروماني عن طريق منح الاقطاعيات ((feodum)) الواسعة ، والحاشية ورجال الدين والاديرة ، وان هناك مميزات وخصائص لهذا النظام منها الاتي

أ‌-     نظام قائم على استثمار عبيد الارض الاقنان والحرفين والمستقلين.

ب‌-  تعايش الملكيات الاقطاعية الكبيرة مع الاستثمارات الفردية الصغيرة الخاصة بالفلاحين والحرفين

ت‌-   تمتاز الرابطة الشخصية بالاكراه المادي المباشر بين السيد والقن.

ث‌-  ان فائض المنتوج لذي ينتجه القن ويمتلكه السيد باخذ اشكال ريع (ريع العمل وريع السخرة والريع العيشي والنقدي او كلاهما.

ج‌- سيادة الاقتصاد الطبيعي في الريف ، الاقتصاد السلعي في المدن

ح‌- تبعية الاقتصاد الصناعي ((المنزلي)) للقطاع الزراعي الاقطاعي والتنظيم الرقيق للحرف والتجارة ((طائف الصناع والتجار.

خ‌- ان التركيب الطبقي منقسم بين طبقتين هم الاقطاعيين والاقنان والعلاقة بينهما تمثل جوهر النظام

د‌-   ان طبقة النبلاء الحاكمة ، وطبقة كبار رجال الكنيسة في اعلى السلم الاقطاعي اما قاعدة السلم فهم الفلاحين الاقنان .

 المبحث الثاني: الافكار الاقتصادية لدى رواد الفكر الإقطاعي

لم يعرف العهد الوسيط دراسات اقتصادية مستقلة الا بعد انحلاله بسبب تعاليم الكنيسة وخضوع الاعتبارات المادية للاعتبارات الروحية ((عالم الدنيا لعالم الآخرة وبالإضافة الى ما تقدم طبيعة الاقتصاد الإقطاع (مغلق ، طبيعي ، سلعي غير نقدي ، زراعي)) لذلك سوف نستعرض بعض الأفكار الاقتصادية

المطلب الأول: الاقتصاد في النظام الاقطاعي

اولاً : مفهوم الاقتصاد : الاقتصاد مجموعة من القوانين ((القواعد الأخلاقية لا قوانين العلم)) تستهدف الادارة الصالحة للنشاط الاقتصادي الذي لا يستهدف الربح بل سد الحاجة ومن هنا يبدو تأثيرات ارسطوطاليس 

ثانياً :- مفهوم الثروة والتملك : ان هذا المفهوم ينبع من مفهوم الاخلاق لفهم الاقتصاد اذ يرى الاتي:

1-  ان المسيحية تحارب الشهوات والطمع والترف فالقديس جيرام يرى بأن ((الغني مجرم وابن مجرم)) ويرى القديس اعسطين بأن التجارة تصرف صاحبها عن وجه الله وترى المسيحية بأن دخول الجمل في سَم الخياط اسهل من دخول الغني الجنة)) منها نحصل على الاتي

2-  اعتبار التجارة لمجرد الربح عملاً غير طبيعي اذا لم يكن خطيئة بحد ذاتها وهذا يعزز دور ارسطو في التبادل الطبيعي والتبادل الغير طبيعي

3-  تدعو الافكار السكولائية لشيوعية التملك رغم انها لا تلغي التملك الفردي بشكل مباشر الا انها هاجمت مظاهرهُ بشكل مباشر ويرى البعض ان مبدأ شيوعية التملك لم ترى نورها الا في القدس عند الحواريين الأوائل ومجرد كلام.

المطلب الثاني: المفكريين في العصور الوسطى في النظام الاقتطاعي

1- آراء توما الاكويني حول العمل :

لقد تبني القديس توماس "seut Tomas" الاكويني موقفاً وسطاً حول مفهوم العمل في جهة انه لم ياخذ بالفكرة اليونانية ولا الرومانية باعتبار العمل اليدوي غير لائق بالرجل الحر ، ولكنه من الجانب الاخر أكد على اعتبار العمل اليدوي أدنى منزلة من العمل الذهني ، وهنا استند الى تبرير التمايز الاجتماعي في جوهر النظام الإقطاعي

2-  آراءه حول التجارة : حاول القديس توما الاكويني التوفيق بين ((المسيحية واليونانية)) حول مفهوم التجارة باعتبارها عملاً غير طبيعيي ، وبين الظروف الجديد للنظام الإقطاعي اذ ذهب الى القول بأن التجارة ((شر لا بد منهُ)) ، وان ارباح التاجر تكون مشروعه اذا كانت تجارتهُ نافعة للمجتمع ، واذا لم تزد على سد الحاجة الطبيعية ((اي اذا كانت بالحد الذي لا تغرق الأسواق)) واعتبر الربح في هذا الإطار نوع من المكافأة

3-  آراء توماس الاكويني حول الفقر والغنى: ان آراء المسحية الأولى لم تتفق مع طبيعة النظام الاجتماعي المبني على استثمار والاستغلال القلة للأكثرية الساحقة ، لذلك عدلها الى ذات المسار التوفيقي ، فاعتبر الغنى والفقر مسألة تقديرية وان اعتبار ما هو صالح ام طالح يستند على ما يمكن ان يفرزه من خير او شر ، الثروة خير ان أدت الى خلق الحياة الفاضلة ، والفقر خير ان حرر صاحبهُ من أغلال الحياة المادية ، فهناك شيء من العدالة في اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية القائمة في المجتمع لان أساسها يستند الى التمايز في المواهب الطبيعية واختلاف الظروف الموضوعية المحيطة من جهة ثانية .

4- نظرية السعر العادل

يرى الكثير من الاقتصاديين ان نظرية السعر العادل تمثل حجر الزاوية في آراء توماس الاكويني وان جميع المشاكل الاقتصادية ((الأسعار ، الأجور ، الفوائد ، حقوق التملك)) كانت تناقش على وفق مبدأ العدالة في القرون الوسطى ، لذلك نرى بأن أكثر النظريات جدلاً في تلك القرون هي مسألة السعر العادل والتي يمكن تلخيصها بالاتي
أ‌- ان العدالة الأساسية والضرورية في تحديد السعر العادل هي العدالة التبادلية دون التوزيعية ((
Cammutative)) وهي التي تحدد العلاقة بين الجزء والجزء وليس الجزء والكل ، ويمثل هذا التمييز أرسطو طالس.

ب‌- العدالة التبادلية تعني المساواة بين المتبادلين ، وتحقيق المساواة عن طريق ايجاد مقياس القيم وهذا المقياس هو النقود ، ومن هذا المنطلق نرى بأن نظرية توماس الاكويني في السعر العادل تستند الى مفهوم القيمة 

ت‌- ان توماس الاكويني لم يبحث نظرية القيمة بشكل مفصل لكنه نظر اليها من خلال نظرية السعر العادل ، واعتبر الاكويني ان ((العرف)) هو المقياس وان القيمة ((تمثل التقدير العام للسلعة)) ، وهذا يمثل أفكار لاهوتية وأخلاقية لتحديد السعر الرسمي في ظل النظام الإقطاعي ، وقد رأى البعض بان الاكويني ميز بين المفهوم النسبي والذاتي للسعر وبين المفهوم الروحي الداخلي للقيمة ، اي ان ((العمل ومقدارهُ الضروري لانتاج السلعة هو الذي يحدد القيمة)).

5-  نظريات الاكويني حول المنفعة: اي ان القيمة عندهُ لم تضع المنفعة بمعزل عن مفهوم القيمة ((وهي منفعة متغيرة لدى الأشخاص)) وقد اخذت المدرسة النمساوية الحدية شيء من أفكار ((اكويناس)) في اطار المنفعة ، اما فيما يخص نظرية الانتاج فيربط توماس الاكويني السعر العادل مع المنفعة المعروفة لانتاج السلعة ، وتمثل هنا نفعة العمل ، ويرى البعض ان الاكويني ربط مع المنفعة الاجتماعية مفهوم القيمة والتي تبناها كارل ماركس فيما بعد ، وقد استخدم تعابير الاخلاق والعدالة والمساواة وضمير المنتج واخيراً اخذ في مفهوم العرض والطلب في تحديد السعر العادل. 

خاتمة:

إن النظام الاجتماعي الذي هيمن على الحياة الأوروبية طيلة القرون الوسطى هو نظام الإقطاع، وربما كان أبشع وأظلم النظم الاجتماعية في التاريخ.

يرجع النظام الإقطاعي إلى عهد الرومان، إلا أنه تبلور في صورته التي عرفته أوروبا في القرن التاسع، وبلغ ذروته في أوروبا أبان القرون الوسطى، وتحديدًا في القرن الثالث عشر.

بدأ نظام الإقطاع باقتطاع الملوك والأمراء مساحات من الأراضي إلى من يدينون لهم بالولاء، وذلك مدى حياتهم، ثم أصبح ذلك أمرًا وراثيًا، فأمير الإقطاعية هو الحاكم المطلق في إقطاعيته، هو المالك لكل شيء والباقون عبيد، لا يملكون حق الانتقال من إقطاعية إلى إقطاعية.

ولم يكن مساوئ النظام الإقطاعي في الجانب المالي فحسب، بل كان للإقطاعي سلطات أخرى حصل عليها، والمدهش حقاً هو تلك القائمة الطويلة من الواجبات التي يؤديها الرقيق للمالك، عدا خضوعه المطلق لسلطته وارتباطه المحكم بإقطاعيته:

1- ثلاث ضرائب نقدية في العام.
2- جزء من محصوله وماشيته.
3- العمل سخرة كثيراً من أيام السنة.
4- أجر على استعمال أدوات المالك في طعامه وشرابه.
5- أجر للسماح بصيد السمك أو الحيوان البري.
6- رسم إذا رفع قضية أمام محاكم المالك.
7- ينضم إلى فيلق المالك إذا نشبت حرب.
8- يفتدي سيده إذا أسر.
9- يقدم الهدايا لابن المالك إذا رقي لمرتبة الفرسان.
10- ضريبة على كل سلعة يبيعها في السوق.
11- لا يبيع سلعة إلا بعد بيع سلعة المالك نفسها بأسبوعين.
12- يشتري بعض بضائع سيده وجوباً.
13- غرامة إذا أرسل ابنه ليتعلم أو وهبه للكنيسة.

وقد أدى النظام الإقطاعي إلى تحول أغلب أوروبا إلى مجتمعات ريفية فقيرة، واندثرت المدنية في الكثير من الأقطار الأوروبية، كما انحصر المجتمع إلى عدة طبقات.

 

قائمة المراجع:

-        جوزيف نسيم يوسف، تاريخ العصور الوسطى الأوربية وحضارتها، ط2، القاهرة 1987

-         Dobb, 1950, p60

-        (زكريا نصر ، 1955، مذكرات في الاقتصاد السياسي ص19-30)

-       رفعت المحجوب، النظم الاقتصادية، 1956، ص20

-       أحمد السمان ص52

-       أشرف صالح، قراءة في تاريخ وحضارة أوروبا العصور الوسطى، ط1، شركة الكتاب الإلكتروني العربي، بيروت 2008

-       W.J.Ashley Surveys, Historic and Economic,  1900, p51

-        كوبلاند (ج.و) وفينوجرادوف (ب)، الإقطاع والعصور الوسطى في غرب أوروبا، ترجمة محمد مصطفى زيادة، القاهرة 1985.

-       إبراهيم علي طرخان، النظم الإقطاعية (دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة 1968).

-       ارلوروك ، 1952 ، ص406

 

  

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent