recent
أخبار ساخنة

التوسعات الرومانية نحو الشرق وشمال افريقيا واسبانيا

 التوسعات الرومانية نحو الشرق وشمال افريقيا واسبانيا



خطة البحث



مقدمة

المبحث الأول: التوسعات الرومانية في شمال إفريقيا

 المطلب الأول: الاحتلال الروماني لمناطق شمال افريقيا 

 المطلب الأول: الاحتلال الروماني لمناطق شمال افريقيا 

المبحث الثاني: التوسعات الرومانية في الشرق واسبانيا

 المطلب الأول: التوسع الروماني في اسبانيا

 المطلب الثاني: التوسع الروماني نحو الشرق

خاتمة

المراجع

 

مقدمة

أسقطت ثورة الشعب الروماني الملك الطاغية تارلينيوس واعتبر الرومان عام 509 ق.م. مفترقاً أساسياً في حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأطلقوا عليه اسم (عام المجد) وكان ذلك بعد سلسلة من الأحداث السياسية والعسكرية التي لا تزال غامضة حتى وقتنا الحاضر، حيث توصل الشعب الروماني إلى تنظيم جديد للسلطة في روما، وابتداءً من ذلك التاريخ بدأت العملية الفعلية لبناء الإمبرطورية الرومانية، فعملوا على التوسع الجغرافي حيث وضعوا نصب أعينهم هدفاً أساسيا ينحصر في التوسع الجغرافي باستخدام القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية، ورأوا بأن هذه الطريقة هي الأفضل لتحقيق طموحات هذه الدولة الفتية، فبدأوا بحروب شبيهة بالغزوات القبلية المحدودة تستهدف إخضاع العشائر والعائلات المحيطة بروما وكان ذلك خلال مراحل قيام الجمهورية الأولى التي قامت بتأسيس الإمبراطورية الرومانية، ثم بدأت مرحلة قيام الجمهورية الثانية التي شهدت تحول الدولة الصاعدة من قوة لاتينية داخل شبه الجزيرة الإيطالية إلى قوة عسكرية عالمية تتأثر بما يجري وتؤثر على ما يجري في مركز العالم القديم (حوض البحر الأبيض المتوسط) وفي هذه المرحلة انتهت حروب روما داخل شبه الجزيرة الإيطالية، وبدأت حروب الرومان مع الفينيقيين (القرطاجيين) التي كانت مدينة قرطاجة الكائنة في شمال أفريقيا عاصمة لهم، وقد سميت هذه الحروب (بالحروب البونيقية Wars Punic First).



سنستعرض في بحثنا هذا التوسعات الرومانية نحو كل من الشرق وشمال إفريقيا وإسبانيا وأسباب قيامها وتبعياتها مرورا بأباطرة الرومان وطريقة تنظيمهم للجيش وتسييرهم للوضع أثناء الحملات الاستعمارية التوسعية

فكيف استطاعت الإمبراطورية الرومانية السيطرة على شمال إفريقيا؟

وكيف قام الرومان بتنظيم جيوشهم للتوسع في أوربا واسبانيا؟

المبحث الأول: التوسعات الرومانية في شمال إفريقيا

لا يختلف اثنان في عملية الغزو الروماني لشمال أفريقيا مرتبطة ارتباطا وثيقا , بحاجيات روما الاقتصادية  والسياسية، وحجتنا في ذلك ما لاحظناه من دراستنا لتاريخ المنطقة,  وأنه قبل بروز “يوليوس قيصر” كان تيار المحافظين هو من يسيطر على الحياة السياسية في روما، والذي لم تكن له نوايا احتلالية استيطانية في شمال افريقيا ، بل كل مساعيه تركزت على القضاء على الدولة القرطاجية المنافسة لروما في حوض المتوسط بهدف الوصول إلى “أحادية” قطبية في هذا البحر لذي يكتسي بعدا استراتيجيا مهما والسيطرة عليه تعني السيطرة على المنطقة ككل.

       في مقابل ذلك نلاحظ أن مملكة نوميديا لم تكن تشكل لهم أي تهديدات ولم تكن لهم فيها أي أطماع، فقد كانوا ينالون منها على ما تحتاجه  وحداتهم العسكرية التي تشارك في حروبهم، الخلاصة فإن إفريقيا” لم تشهد أي استيطان روماني طول قرن كامل، و حتى بعد الانتصار على “يوغرطة سنة 650  ق.م   لكن هذا لم يمنع في الاخير وبعد ظهور  جملة من المشاكل والدوافع التي قادت روما لاحتلال الشمال الأفريقي 

 المطلب الأول: الاحتلال الروماني لمناطق شمال افريقيا 

المتتبع لمجريات التاريخ يلاحظ أن احتلال روما لشمال إفريقيا كانت وراءه عوامل سياسية واخرى اجتماعية توسعية وهي حاجته روما لإرضاء قدماء المحاربين الذين كانوا يوعدون من قبل قادتهم بالحصول على أراضي زراعية بعد نهاية الخدمة أو الحرب، وهي الأراضي التي أصبح من الصعب توفيرها في إيطاليا، ما أصبح يشكل ضغطا علىروما”، وأدخلها تدريجيا في عديد الحروب الدينية التي كان ظاهرها الصراع على السلطة بين حزب الأشراف (Optimates )وحزب الشعبيون (populares ،) .وفي عمقها هي صراع حول طريقة تسيير الجمهورية

تيار يريد الحفاظ على الوضع القائم لأنه يخدم مصلحة طبقته 

-       سعت الطبقة السياسية والعسكرية في “روما” إلى تحقيق النجاح والمجد العسكري ومعهما الثروة )الامتيازات المادية: المال والعقارات ( لهم وللدولة عبر توجيه دولتهم الاحتلال المناطق الأخرى من العالم القديم، كما أن الغزو وتشجيع الاستيطان تحول الى أحد أبرز البرامج الانتخابية ألي سياسي وعسكري، و هي أداة الإغراء اللهم لكسب الجنود في صفهم، ثم أن الطبقة السياسية الرومانية أصبحت مقتنعة بالمهمة )الرسالة( العالمية لروما ، وأحقيتها في التدخل في كل مكان



-       من ناحية أخرى، علينا الا نغفل أن “روما” شهدت في تلك الفترة (القرن الثالث-األول قبل الميلاد) زيادة معتبرة في عدد سكان التجمعات الحضرية ما خلق مشاكل اجتماعية عديدة على رأسها “البطالة”، وكان أفضل الحلول لتخفيف الضغط الديمغرافي وحل مشاكل روما الاجتماعية هو تشجيع الاستيطان نحو مقاطعات روما، وعلى رأسها شمال افريقيا.

-       كما أن “اللوبي التجاري” في توجيه روما نحو غزو شمال افريقيا، فجماعة الضغط هذه سعت الاستغلال الفرص التجارية التي توفرها السيطرة على هذه المنطقة، والتي مثلما تستفيد هي منها فإن الدولة الرومانية كذلك تستفيد عبر التحصيل الضريبي.

       هذه الأهمية التجارية تبرز لنا مثال في الأسباب العميقة لتدمير قرطاجة، وفي تزايد عدد التجار الإيطاليون في “نوميديا”، والذين شكلوا جماعة متنفذة وموجهة الاقتصاد النوميدي، الأمر الذي دفع “يوغرطة لقتلهم عند دخوله قيراطا سنة 660 ق.م.

المطلب الثاني: ظروف الغزو الروماني لشمال أفريقيا:

كانت بداية التوغل الروماني في شمال افريقيا بتدخلات سياسية واقتصادية، ومن قبيل ذلك نجد أن روما سعت لخلق، البقاء وتعميق الانقسامات في المنطقة منذ نهاية الحرب البونيقية الثانية، فرأينا كيف استغلت “روما” حليفها وصديقها الملك النوميدي “ماسينيسا” ضد “قرطاجة” و”سيفاقس” في الحرب، ثم بعد نهاية الحرب استغلته ضد “قرطاجة، احتفر “روما” تحرض “ماسينيسا” ضد قرطاجة” ما تمخض عنه توسعات سنوات 643-605 ق.م، وكانت في كل مرة

تتدخل للتحكيم بين قرطاجة ونوميديا وفق ما يخدم رؤيتها ومصلحتها طوال فترة حكم “ماسينيسا”. بعد إنهاك قرطاجة” عبر “ماسينيسا” قررت روما في سنة 644 ق.م إعلان الحرب على “قرطاجة” .

وبسقوط قرطاجة فقد شمال افريقيا الحصن الذين كان يدافع عن المنطقة، وهو ما جعل المؤرخ “فلروس Florus “يصف الحدث قائلا: “لقد دفعت إفريقيا (قرطاجة) ثمن النصر، وسرعان ما اتبع العالم مصير إفريقيا”. بعد سقوط القوة القرطاجية تم تحويل أراضيها إلى أول مقاطعة رومانية في شمال افريقيا هي “أفريكا Africa ''.

المطلب الثالث: أسباب سقوط شمال إفريقيا

تعددت أسباب الهزائم القرطاجية ومنها:

  • قدرة القادة الرومان على مواجهة المصاعب بهدوء ورباطة جأش.
  • الاستفادة من الدروس العسكرية القتالية المتتابعة بأسرع وقت.
  • بقاء معظم حلفاء روما اللاتينيين إلى جانبها في أوقات الأزمات.
  • عدم وصول المساعدات والإمدادات إلى قوات هانيبال من قرطاجة.
  • كانت الحكومة القرطاجية تعاني من الانقسامات والفساد مما أدى إلى عدم مساندة الحملة الهانيبالية.
  • كان القسم الأكبر من جيش (حنبعل) من الخيالة، وكان هذا السلاح فعالاً في العمليات القتالية المتحركة والسريعة، ولكنه غير ملائم لعمليات الحصار واحتلال الأراضي.

  وهذه المواقف والمؤثرات استغلها الرومان فأعادوا تنظيم جيوشهم ونشرها على مختلف الجبهات وقاموا بسلسلة من الحملات التي أدت إلى استعادة كل من مدينتي سيراكوز وكابي، وقرر الرومان فتح جبهة في أسبانيا لمحاصرة قوات هانيبال ومنع التعزيزات من الوصول إليها.

   وقد ألحقت القوات الرومانية هزيمة بالقوات القرطاجية في معركة إيليبا Ilipa في إسبانيا وفي هذه الأثناء تراجع الملك المقدوني فيليب الخامس عن التحالف مع هانيبال فسعى الرومان إلى مصالحته.

   وقد قاد القائد الروماني مختاريوس سيبيو جيشاً قوامه 25 ألف رجل من المشاة المدعمين بالخيالة وقطع به البحر الأبيض المتوسط متجهاً إلى قرطاجة، وأصر القرطاجيون على استدعاء هانيبال من إسبانيا لقيادة الجيوش القرطاجية، والتقى الجيشان في معركة زاما التي هزم فيها القرطاجيون. بعد هذه الهزيمة عقدت معاهدة اتفق فيها الطرفان على أن :

  • يدفع القرطاجيون الجزية خمسين عاماً.
  • تخفيض سفن القرطاجيين إلى عشر سفن.
  • عدم شن أي حرب خارج أفريقيا إلا بموافقة روما.

المبحث الثاني: التوسعات الرومانية في في الشرق واسبانيا

المطلب الأول: التوسع الروماني في اسبانيا

كان من نتائج الانتصار الروماني في شمال افريقيا السيطرة الرومانية على الساحل الإسباني الشرقي والجنوبي وتم تقسيم إسبانيا إلى مقاطعتينا تحت اسم إسبانيا القريبة وإسبانيا البعيدة.



بدأ في نهايات القرن الثاث قبل الميلاد كغزو استراتيجي وذلك لقطع خطوط توصيل المؤن القرطاجية التي تدعم شبه الجزيرة الإيطالية من قبل انيبال اثناء الحرب البونيقية الثانية، وقد استمر اثنى عشر عاما وتم طرد القوات القرطاجية نهائيا من الجزيرة.بالرغم من تأخر روما حوالى قرنين حتى استطاعت ان تتحكم كليا في الجزيرة الإيبيرية، الا أنه يرجع اساسا إلى المقاومة القوية للقبائل في الداخل مثلالشعوب الكلتية-اللوستيان-الاسترويين-الكنتابريين...الخ) الذين قاوموا الغزاة قرنين من الزمان كانت الحروب خلالها متقطعة ولكن عنيفة للغاية وقاسية، واستمرت الهيمنة الرومانية حتى دخول هيسبانيا في أول القبائل البربرية، وذلك في القرن الخامس وتشكل أثناء السبعة قرون من النفوذ الرومانى قبيلة متجانسة في إسبانيا أطلق عليها اسم "هسبانيا الرومانية".

بينما روما كانت تفرض هيمنتها على الجزية الايبيرية، فقد حملت ايضا طريقتهم الخاصة لفهم الحياة: اقتصادهم وقوانينهم والبنية التحتية التي سمحت لهم بالحفاظ على الامبراطورية والحفاظ على المظاهر الفنية من جميع الأنواع. و بعد كل هذا حافظت اليوم على إرث مهم ليس فقط أثري بل ثقافى أيضا، فإنه لا يزال من اللغات الرومانسية التي يتحدث بها في إسبانيا والبرتغال، فهى لغة مشتقة من اللاتينية .

المطلب الثاني: التوسع الروماني نحو الشرق

إثر الانتهاء من درء الخطر القرطاجي اتجهت أنظار الرومان شرقاً وأصبحوا يفكرون في الاستيلاء على مملكة مقدونيا وبالفعل أعلنوا عليها الحرب وكان لهم أهداف تتمثل في :

  • الحد أو القضاء على النفوذ المقدوني في الشرق.
  • السيطرة على الجزر الواقعة في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط نظراً لأهميتها البالغة على صعيد الملاحة والتجارة.
  • الوصول إلى أراضي المملكة السلوقية التي كانت تسيطر على أجزاء من آسيا الصغرى وشمال سوريا.

شن الرومان سلسلة من المعارك التي انتهت باحتلال كامل للأراضي المقدونية في الشرق وتم السيطرة على بلاد الإغريق اليونان، وبنهاية هذه الحروب أتسعت حدود الجمهورية الرومانية من إسبانيا غرباً إلى السواحل الغربية لآسيا الصغرى شرقاً، بالإضافة إلى الأراضي القرطاجية في شمال أفريقيا، وقسمت هذه الأراضي الشاسعة إلى سبع مقاطعات مرتبطة بالحكومة المركزية في روما.

وبعد هذه الانتصارات أصبحت الدولة الرومانية دولة عظمى يصعب قهرها وتتحكم بمقدرات العالم القديم الغربي والشرقي، وفي هذه المرحلة بدأ التاريخ الروماني يضج بأسماء القادة والزعماء المنتصرين وتحولوا إلى طبقة حاكمة تؤثر على مجرى الأحداث في روما وخارجها.


خاتمة

وبعد هيمنة الإمبراطورية الرومانية على العالم وأصبحت أعظم امبراطورية خلال القرون الثاني والثالث، حدثت ثلاث أزمات معا وهددت بانهيار الامبراطوريه الرومانيه : الغزوات الخارجية، والحروب الأهلية الداخلية، وضعف الاقتصاد. وفي غضون ذلك، أصبحت مدينة روما اقل اهمية بوصفها المركز الاداري للامبراطوريه الرومانيه. ازمة القرن الثالث أظهرت عيوب النظام المتجانس للحكومة الذي انشأة أوغسطس لإدارة الامبراطوريه الرومانيه. ادخل خلفاؤه بعض التعديلات، ولكن الأحداث وضحت ان نظام عالمي جديد موحد أكثر مركزية هو النظام المطلوب.

تقسيم الامبراطوريه بدأ في أواخر القرن الثالث من قبل ديوكلتيانوس في 286، كانت تهدف إلى السيطرة بكفاءه على الامبراطوريه الرومانيه الإمبراطورية الرومانية الغربية (Western Roman Empire) يشير إلى النصف الغربي من الامبراطوريه الرومانيه، النصف الآخر من الامبراطوريه الرومانيه أصبح يعرف باسم الامبراطوريه الرومانيه الشرقية، واليوم تعرف على نطاق واسع باعتبارها الامبراطوريه البيزنطيه.

خلال الصراع على السلطة شهدت الدولة الرومانية فوضى لم يسبق لها مثيل حيث كان التنافس على زمام الإمبراطورية بين سبعة رجال وهم ماكسيميان وغاليريوس ومكسنتيوس ومكسيمينيوس دايا وليسينيوس وقسطنطين بالإضافة إلى دوميتيوس ألكسندر الذي أعلن انفصاله في أفريقيا، وبدأ الجميع بالإنهيار ولم يبق سوى ليسينيوس الذي كان يسيطر على المناطق الشرقية وقسطنطين الذي كان قد قوي وسيطر على المناطق الغربية، وقد توصل الإثنان إلى اتفاق على التعايش والإعتراف لكل من الآخر بسلطته وسيطرته على المناطق التي يحكمها، واستمرت هذه الهدنة حوالي عشر سنوات، وفي عام 324 م وقع صدام بين الرجلين في معركة أدريانويل التي انتصر فيها قسطنطين وبهذا الانتصار قامت قوات قسطنطين بمطاردة قوات ليسينيوس في آسيا الصغرى وتمكن قسطنطين من اعتقال خصمه وإعدامه وأصبح قسطنطين هو الإمبراطور الوحيد في روما.

المراجع

·       إبراهيم نصحي، تاريخ الرومان، ج١ ،بيروت، منشورات الجامعة الليبية، كلية الآداب – دار النجاح. ١٩٧١ .ص ٣٩٨ .

·       شحاتة محمد إسماعيل، دراسات فى تاريخ الرومانى، القاهرة، ١٩٨٤

·       هشام الصفدى، تاريخ الرومان فى العصور الملكية الجمهورية الإمبراطورية حتى عهد الإمبراطور قسطنطين، ج١ ،لبنان، دار الفكر الحديث، ١٩٦٧

·      فوزى مكاوى، الشرق الأدنى فى العصرين الهللينستى والرومانى، القاهرة، الكتب المصري لتوزيع المطبوعات ١٩٩٩



·       صبحي حسن بكرى، الإغريق والرومان والشرق الإغريقي الروماني، الرياض، دار عالم الكتب للنشر والتوزيع، ١٩٨٥

 

 


google-playkhamsatmostaqltradent